طبقة الاوزون:
تشكل طبقة الاوزون جزءا من طبقة الستراتوسفير للغلاف الجوي، وتقع علي ارتفاع يتراوح ما بين (15 ــ 30 كيلومتراً) فوق سطح الارض، تتكون طبقة الاوزون من غاز الاوزون Oz الذي اكتشف في عام 1785 من قبل Matinus، وكانت طبقة الاوزون قد اكتشفت من قبل الفيزيائي البريطاني W. N. Hartley، وتكمن الوظيفة الاساس لطبقة الاوزون في حماية الحياة (المملكة الحيوانية والنباتية) علي كوكب الارض من تأثيرات الاشعة فوق البنفسجية، حيث تعكس طبقة الاوزون بعض الاشعة فوق البنفسجية، وتصل اليها موجات الاشعة فوق البنفسجية بثلاثة انواع (اطوال):
الموجة الطويلة UV-A يتراوح طولها ما بين 320-400nm
والموجة المتوسطة UV-B يتراوح طولها ما بين 290-320nm
والموجة القصيرة UV-C يتراوح طولها ما بين 200-290nm
الموجة UV-A، UV-B قليلة الضرر والموجة UV-C هي الخطرة علي الحياة وعندما يقل سمك طبقة الاوزون أو يتآكل جزء منها مكوناً ثقوباً سوداء فيها تسمح بمرور الاشعة فوق البنفسجية الي الارض لاحظ شكل رقم 2.
ويؤثر مباشرة علي مجمل جوانب الحياة وعلي مصادر الحياة (الماء) وطبقة الاوزون تؤثر عليها العوامل الطبيعية (كالبراكين، النيازك) ويعتبر ما حدث لمكونات الغلاف الجوي هو نتيجة النشاط البشري الذي ادي وسيؤدي الي اضعاف او تهديم دور طبقة الاوزون في حماية الحياة (الحيوانية والنباتية) وبمن فيها الانسان علي كوكب الارض، وفي سياق هذا المقال اتناول دور العوامل الطبيعية التي لها علاقة بتاريخ تكون القشرة الارضية وتطورها خلال تعاقب مراحلها الجيولوجية وتأثيرها علي التغيرات المناخية وعلي الغلاف الجوي ومنها علي طبقة الاوزون.
2 ــ نشوء الارض وتطورها ودورها في تكوين طبقة الاوزون
تكون الغلاف الجوي لكوكب الارض بعد تصلب الغلاف الخارجي لها وتكوين القشرة الارضية البدائية للارض ورافقتها الانفجارات البركانية التي ادت الي انبعاث الابخرة والغازات الي خارج محيطها، مكونة الغلاف الجوي البدائي للكرة الارضية، كانت مكونات البراكين تحتوي علي (80% من بخار الماء وحوالي 12% من غاز ثاني اوكسيد الكاربون و7% من الاكاسيد الاخري). وكان الغلاف الجوي البدائي غنياً بغاز Co2 وتحولت الابخرة الي الماء التي تساقط علي سطح الارض وامتلأت به المنخفضات مكونة أحواضاً مائية بدائية، ولم تظهر الحياة حتي ذلك الوقت، حيث يقدر عمر الارض بحوالي (6.4 ــ 7.4 مليار سنة)، وقبل مرور حوالي (2.4 مليار سنة)، دخلت الاشعة فوق البنفسجية الي الغلاف الجوي ومع ظهورها، بدأت الحياة البدائية وساعد ذلك التحول علي احداث تفاعلات كيميائية لمكونات الارض والغلاف المحيط بها (الغلاف الجوي)، وتم تحديد آثار الحياة قبل حوالي (8.3 مليار سنة) مستندا إلي نتائج الدراسات الجيولوجية التي تم من خلالها تحديد تواجد غاز الاوكسجين في ترسبات الاحواض المائية القديمة وتم اكتشاف اقدم المتحجرات في الترسبات قبل حوالي (5.3 مليار سنة) وتكونت بعدها، قبل حوالي (3 ــ 5.2 مليار سنة) كتل قارية قديمة وكانت الارض انذاك مغطاة بالمياة مع وجود بعض الجزر البركانية، وكان وضع الغلاف الجوي للارض كما هو في المريخ الذي يمتاز بوجود نسبة قليلة جدا من غاز الاوكسجين.
تعرضت الحياة علي كوكب الارض قبل حوالي (5.2 مليار سنة) الي انقراض شبه تام نتيجة انخفاض نسبة غاز الاوكسجين التي كانت موجودة انذاك بفعل ادخالها في تراكيب لبعض العناصر الاساسية مثل الحديد، السليكا، الالمنيوم، وازداد كمية غاز الاوكسجين بنسبة 1% قبل حوالي (1300 مليون سنة) وادت الي ظهور طبقة الستراتوسفير الذي يشكل طبقة الاوزون جزءا منها الذي قام بدور حماية الحياة علي كوكب الارض من خلال تقليل شبه ايصال الاشعة فوق البنفسجية الي الارض ومع زيادة نسبة غاز الاوكسجين انذاك ادت العمليتان الي تطور الحياة (المملكة الحيوانية والنباتية) علي كوكب الارض.
تعرضت القشرة الارضية لكوكب الارض خلال 600 مليون سنة الاخيرة الي تغيرات كبيرة ومرت بدورات ومراحل عدة من تكوين الاحواض المائية وبناء السلاسل الجبلية ورافقت كل دورة ومرحلة حركات عنيفة ادت الي انفجارات بركانية هائلة، مؤدية الي تغير مكونات الغلاف الجوي، والي دورات مناخية (مراحل جليدية) ودورات (ما بين الجليدية)، استمر بعض منها ملايين السنين، وعليه يستند بعض العلماء بأن التغيرات المناخية وتغير مكونات الغلاف الجوي وطبقاتها ومنها طبقة الاوزون تتحكم فيها جملة من العوامل الاساسية الطبيعية وترجع الي نشاط الشمس وعلاقة الكواكب الاخري بها ومنها كوكب الارض واضيف اخيرا العامل الثانوي (دور البشرية)، تأثير النشاط الانساني علي تلوث مصادر الحياة والبيئة والغلاف الجوي ومكوناتها مؤدية وستؤدي الي تشويه وتسريع التغيرات الطبيعية علي كوكب الارض وغلافها الجوي، حيث يؤثر انفجار البراكين علي تغير نسبة غاز ثاني اوكسيد الكاربون في الغلاف الجوي (لاحظ شكل 1) والي زيادة نسبة بخار الماء الذي يؤثر بدوره علي تآكل طبقة الاوزون مما يؤدي الي زيادة ايصال الاشعة فوق البنفسجية الي الارض والي زيادة امتصاص الاشعة الحمراء مؤدية الي زيادة تسخين الغلاف الجوي، هذا التحول عكس تأثيره المباشر علي الحياة علي كوكب الارض مؤدياً الي موت بعض النباتات والحيوانات والتأثير علي المملكة الحيوانية والنباتية ومنها الانسان.
3 ــ الدورات المناخية الطبيعية الاخيرة:
تؤكد الدراسات العلمية في مجال التغيرات المناخية وجيولوجيا البيئة تعرض كوكب الارض خلال الـ(100 ألف سنة) الاخيرة الي عدة دورات مناخية، حيث تغير الظروف المناخية خلال الفترات التالية (100، 43، 24، 19، 14، 5.7 ألف سنة) والي دورات ثانوية قصيرة بفعل العوامل الطبيعية بعيدة عن تأثير العامل البشري ويوجد حوالي اكثر من (7 آلاف سنة) بين دورة واخري وعليه يستند بعض الخبراء إلي ان التغيرات الحالية، مردها الي نتائج استمرار نشاط المجموعة الشمسية والتي تؤثر علي الكواكب ومنها كوكب الارض وغلافه الجوي وطبقة الاوزون جزء من ذلك، اما النشاط البشري الاخير فما هو الا عامل اضافي سلبي ادي الي تشويه وربما الي تسريع التغيرات التي طرأت علي مجمل جوانب البيئة والحياة.
وستدفع البيئة ثمنا باهظا لذلك التدخل الذي لا يعالج ولا يشخص المضاعفات الناجمة او التي تنجم من استخدام وادخال التكنولوجيا المعاصرة وتأثير فضلاتها علي المحيط الذي نعيش فيه بحكم احداث علل في مكونات الغلاف الجوي المحيط بكوكبنا الذي بدأ ملامح اثاره السلبية علي التربة، المياه السطحية والجوفية، تراجع الغابات وموت بعض الاشجار والنباتات وبعض الحيوانات كالاسماك، وانقراض العديد من الانواع الحيوانية والنباتية وازدياد عدد الاوبئة والامراض، اضافة الي تعميق التأثير علي التربة حيث ان حوالي 5.12% من التربة في قارة اوروبا مكونة من بقايا الملوثات.
4 ــ البراكين وتأثيرها الطبيعي علي الغلاف الجوي:
يشير تاريخ التطور الجيولوجي للقشرة الارضية الي تعرضها لانفجارات بركانية أدت الي احداث تغير في الغلاف الجوي المحيط بالارض، ورافقت كل مرحلة من مراحل التطور الجيولوجي للقشرة الارضية تغيرات مناخية والي تغير مكونات الغلاف الجوي بفعل الابخرة والغازات التي كانت تندلع من البراكين، ويوجد حاليا آثار لحوالي (390 بركانا) علي امتداد آثار بحر التيس الذي انقرض قبل حوالي (10 ملايين سنة) ولا يزال العديد منها يمتاز بنشاطها البركاني وحسب مكتب الاحصاء الجيولوجي الامريكي يوجد حوالي (1500 بركان خامد في العالم وان 33% منها تمتلك خصوصيات الثوران العنيفة وان 50 بركانا منها فعالة تنفجر بين الحين والآخر مؤدية الي انبعاث ملايين الاطنان من أبخرة ــ بخار الماء والغازات (غاز ثاني اوكسيد الكاربون)، مؤدية الي تغيرات مناخية والي عواصف رياحية، كما ولعب النشاط البشري دورا مؤثرا في زيادة نسبة الابخرة والغازات في الغلاف الجوي (طبقة الاوزون) لا سيما حركة الطائرات التي تقذف كميات كبيرة من غاز الماء الي طبقة الاوزون، اضافة الي صعود كميات كبيرة من الكاربونات الكلور الفلورية الي الطبقات العليا وهذه الكاربونات تتحلل ببطء بواسطة اشعة الشمس، وان الكلورين المنطلق منها يمكن ان يبدل كميات كبيرة من الاوزون O3 الي الاوكسجين O2 الاعتيادي مؤدية الي تآكل وتقليل سمك طبقة الاوزون، وهذا ما يسمح بمرور كميات اكبر من الاشعة الفوق البنفسجية الي الارض، وازداد خطورة تلك المواد علي طبقة الاوزون مما ادي الي اصدار بروتوكول تحت اشراف برنامج البيئة UNEP التابع للامم المتحدة في شهر ايلول (سبتمبر) 1987 بمدينة مونتريال دعا الي تجميد انتاج تلك المواد كما ان استخدام بعض المواد الكيميائية في الزراعة وفي تعقيم التربة مثل بروميد الميثان CHuBr الذي استعمل بكميات كبيرة في بعض دول منطقة الشرق الاوسط ومنها الاردن حيث يساهم هذا الغاز في تلف طبقة الاوزون بنسبة 7.0% من مجمل التلف في طبقة الاوزون، اضافة الي تأثيرها علي تلوث المياه الجوفية والسطحية، مما اضطر بعض الدول الاوروبية الي عدم استخدام المياه الجوفية ونظرا لخطورة هذا الغاز علي مجمل جوانب الحياة، قررت اتفاقية مونتريال عام 1987 وضع حد لاستخدامه والي ايقاف انتاج واستيراد هذا الغاز نهائيا في جميع انحاء العالم.
5 ــ اهم المواد الضارة للبيئة وتأثيرها علي الاوزون:
(تُعد، اطارات السيارات، الاشعاعية النووية، النايلون، الدهان، الرصاص الابيض، تكرير البترول، المطاط، صودا البوتاس). من اهم المواد التي لا يمكن معالجة مضاعفاتها ويزداد تأثيرها علي البيئة وينعكس سلبا علي الانتاج، حيث تشير الابحاث إلي ان البيئة النظيفة الصحية تساهم في زيادة انتاج الافراد بمعدل يتراوح ما بين 20 ــ 38% من انتاج الشخص نفسه في بيئة غير نظيفة، ويصعب الحفاظ علي البيئة النظيفة في ظل الاستمرار في اغراق البيئة بالنفايات نتيجة تزايد الكثافة السكانية وارتفاع مستوي المعيشة والاقبال المتزايد علي شراء البضائع وخاصة السلع الاستهلاكية وهو ادي الي خلل كبير في توازن البيئة وعدم قدرتها علي القيام بعملية التدوير الطبيعي ويمكن ملاحظة ذلك في المناطق التي تعاني من تآكل طبقة الاوزون مما ادي الي نشوء ثقوب سوداء في طبقة الاوزون وتلك الثقوب السوداء تغطي مساحات شاسعة في امريكا الشمالية واوروبا الغربية، سيبيريا، اوروبا الشرقية، استراليا وفي القطب الجنوبي.
6 ــ ابرز المضاعفات الناجمة من تآكل طبقة الاوزون:
ــ زيادة درجة حرارة الارض يساعد علي زيادة نسبة التفاعلات الكيميائية للمواد المكونة من التربة ولا سيما الاملاح ويساعد ذلك علي سرعة عمليات التعرية والتآكل وبالتالي الي فقدان الارضية الخصبة للغطاء النباتي والي تراجعها وانقراض العديد منها وتهيئة الاجواء لزحف التصحر علي مثل تلك المناطق، لا سيما الجافة.
ــ تلويث مصادر المياه السطحية والجوفية وتغيرها كماً ونوعاً بفعل تغير مكونات وظروف تسرب مصادر المياه الجوفية المتمثلة بالامطار والثلوج والي زيادة نسبة التبخر علي حساب انخفاض نسبة التسرب ــ المياه الي تحت سطح الارض مع زيادة نسبة الاملاح فيها.
ــ تراجع الغطاء النباتي والغابات سوف يزيد من تأثير التلوث لا سيما الرصاص الابيض، حيث تتمكن شجرة واحدة من امتصاص الرصاص المنبعث من (120 كيلوغراماً) من البنزين المحترق وان (كيلومتراً مربعاً من الاشجار) يمتص يوميا من (12 ــ 15 كيلو غراماً من اوكسيد الكاربون)، كما تقل اعداد البكتريا بحوالي 200 مرة في المناطق التي تنتشر فيها النباتات والمسطحات الخضراء.
ــ زيادة نسبة المصابين بالسرطان في المناطق التي تقع تحت الثقوف السوداء لطبقة الاوزون كما هو الحال في امريكا واستراليا، حيث يصاب كل فرد من 2100 شخص بالسرطان، في تلك المناطق.
ــ زيادة مخاطر استخدام المواد الغذائية في المناطق التي تقع تحت تأثير الثقوب السوداء لطبقة الاوزون مثل امريكا الشمالية، كندا، السويد، الدانمارك، النرويج روسيا واستراليا.
ــ ظهور بوادر تأثير طبقة الاوزون في المناطق الجافة الحارة التي تستعمل فيها تكنولوجيا التبريد نتيجة زيادة استخدام (فريون 12) الذي يؤثر علي طبقة الاوزون، كما هو الحال مثلا في اليمن الذي يستهلك سنويا حوالي 332 طناً من فريون 12، وان ظروفها الاقتصادية ليس بالدرجة التي تتمكن من البحث عن بدائل تقنيات حديثة في مجال التبريد ومعدات لا تؤثر سلبا علي الاوزون
للامانه منقل